مُـدن تختفي بسبب التغير المناخي…تونس تواجه سيناريوهات كارثية نتيجة الاحتباس الحراري

منذ سنتين، حضرت ندوة تناولت بالدرس الوضع البيئي في تونس وللأسف لم يتعد عدد الحاضرين يومها عدد أصابع اليد وهو ما دفع بناشطة تونسية الى التعليق بأن علاقة التونسيين بالبيئة تقف عند مجسم « لبيب « لذلك من الصعب إقناع عموم المواطنين بالانخراط في منظمات وجمعيات المجتمع المدني المدافعة عن البيئة وتحفيز الدولة على الاستثمار بجدية في مجالات حماية المحيط. 

والحقيقة أنه رغم حالة الجفاف التي تعيشها تونس منذ سنتين ونزول المخزون المائي الى معدلات قياسية، لا يعي المواطن التونسي الى حد الآن بأن هذه الوضعية تعود أسبابها أساسا الى الانحباس الحراري الذي يعود بدوره الى توسع ثقب طبقة الأزون بسبب انبعاث كميات هائلة من غاز ثاني أوكسيد الكربون وغيره. 

الى ذلك جاء في تقرير لمنظمة السلام الأخضر « إن انبعاث بعض الغازات داخل الغلاف الجوي مثل (الكلور المنبعث من مستحضرات التجميل والتنظيف والتعقيم وحتى المبيدات الزراعية أو ثاني أكسيد الأزوت المنبعث من مداخن المصانع الكبرى أو ثاني أكسيد الكبريت المنبعث بكثرة من احتراق نفايات النفط ومن أفران صهر المعادن الصلبة أو غيرها…) يؤثر في آلية اتحاد تركيبة جزيئات الأوزون بعد انقسامها ويمنع إعادة توليد أو توحد جزيئات الأوزون وشيئاً فشيئاً تفشل الكثير من ذرات الأوزون بالعودة إلى وظيفتها (أي حماية الغلاف من الأشعة فوق البنفسجية) فيحدث هناك نقص في كمية الأوزون (O3)، يتراكم هذا النقص ويزيد مع كثرة وازدياد انبعاث الغازات الضارة بطبقة الأوزون

 «. ويؤكد هذا التقرير على أنه « هناك علاقة بين الاضرار الحاصلة في طبقة الأزون والانحباس الحراري وهذه العلاقة تسمى علاقة دائرية، أي أن الاحتباس الحراري يساهم في وجود ثقوب لطبقة الأوزون، وبالعكس، عند وجود ثقب ما بطبقة الأوزون يحدث تسرب للأشعة فوق البنفسجية إلى داخل الأرض، ما يؤدي إلى احتقان أكبر واحتباس للحرارة 

«. وتونس معنية أكثر من غيرها بظاهرة الانحباس الحراري الذي تعرفه منظمة السلام الأخضر على أنّه «ارتفاع بشكل تدريجي في درجات الحرارة في الطّبقة السفلى من الغلاف الجوّي للأرض خلال آخر مائة إلى مائتي عام «. وخلال الخمسين سنة الأخيرة، ارتفعت الحرارة بدرجتين ومن المنتظر أن يتواصل هذا الارتفاع ما قد سيؤثر على الوضع البيئي ويهدد الفلاحة والثروة الحيوانية. الا أن الخطر الأكبر الذي يهدد بلادنا هو ذلك المتعلق بارتفاع مستوى مياه البحر ما يوحي بأن مناطق ساحلية وجزر ستختفي من الخارطة التونسية.

سيناريوهات الرعب…

توقعت الهيئة الدولية لخبراء المناخ جملة من السيناريوهات المرعبة التي قد تحدث في تونس لو ارتفع مستوى مياه البحر في تونس بخمسين سنتيمترا. ففي دراسة وطنية تم إنجازها سنة 2006 تناولت بالدرس انعكاسات ارتفاع مستوى سطح البحر على الشريط الساحلي التونسي فان نتائج المرحلة الاولى التي تم إنجازها في اطار اعداد البلاغ الوطني الثاني لاتفاقية التغيرات المناخية،

 أفادت بأنه « وفق فرضية قصوى تتوقع ارتفاعا لمستوى سطح البحر ب50 سنتمترا، يمكن ان تتسبب في تفعيل الانجراف البحري بعدد من المناطق الساحلية شديدة الانخفاض على غرار بعض سباخ خليج الحمامات والوطن القبلي واجزاء من بحيرتي اشكل وغار الملح وبجزر قرقنة وجربة والكنائس» كما أشارت الاستنتاجات الاولية للدراسة بانه من المتوقع ان « يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر في بعض التأثيرات على عدد من المنظومات والموارد الطبيعية الساحلية على غرار الموارد المائية كما ستكون له انعكاسات على التنوع البيولوجي البحري بالخصوص وعلى بعض المنشات الساحلية كالمناطق الصناعية بقابس ورادس وبنزرت وسوسة وصفاقس». ذات السيناريوهات التي اعدتها الهيئة الدولية لخبراء المناخ المتعلقة بارتفاع معدلات درجات الحرارة ومستويات البحار والمحيطات، تصورت « بان فرضية ارتفاع مستوى سطح البحر بـ50 سنتمترا الى غضون سنة 2100 يمكن ان تتسبب في تقدم البحر على حساب اليابسة.. 

خاصة بالاراضي الساحلية شديدة الانخفاض على غرار بعض المناطق الرطبة مثل السباخ والبحيرات والاودية ومنظومات الجزر» . ففي حالة تواصل ارتفاع معدلات درجات الحرارة بالمستوى الحالي، وحسب السيناريو الأقصى المحتمل بينت الدراسة ان مساحات تناهز 2600 هكتار يمكن أن تتعرض إلى انجراف بحري ونقص في الخصوبة بالسهول المحاذية لوادي مجردة. كما انه يتوقع ان « تتحول أكثر من 10 سباخ إلى بحيرات تمسح 730 هكتارا محاطة بمناطق رطبة تناهز مساحتها 730 هكتارا بمجموعة من السباخ الساحلية للوطن القبلي».

 ومن المنتظر حسب هذه السيناريوهات، «تعرض منطقة خليج الحمامات إلى انجراف بحري على مساحة جملية تناهز 1900 هكتار وخاصة على مستوى سبخة سيدي خليفة.. ويتوقع ان يتحول جزء من سبخة حلق المنجل الى بحيرة تمسح1400 هكتار». أما فيما يتعلق بجزيرة قرقنة فمن المتوقع أن تتحول إلى مجموعة اكبر من الجزر الصغيرة كما أن « قرابة 30٪ من المساحة الإجمالية للأرخبيل معرضة للانجراف البحري». ذات الفرضية تنسحب على جزيرة جربة حيث ان ما « يناهز 3400 هكتار من المناطق الرطبة بجزيرة جربة يمكن أن تتعرض إلى انجراف بحري خصوصا بمناطق راس الرمل وبين الوديان «.

هذه المدن ستختفي قريبا

في ظل تواصل الانحباس الحراري وارتفاع مستوى مياه البحر فإن مدنا بأكملها ستختفي من الكرة الارضيّة فوفق دراسات أعدتها الأمم المتحدة ومنظمات بيئية أخرى مختصة فإن مدن القاهرة والإسكندرية في مصر، وداكا في بنغلاديش، وبونس آيرس في الأرجنتين، وريو دي جنيرو في البرازيل، وشنغهاي وتيانجين في الصين، ومومباي وكلكتا في الهند، وجاكارتا في إندونيسيا، وطوكيو وأوساكا-كوبي في اليابان، ولاغوس في نيجيريا لن يكون لها أثر في الخارطة خلال العشرين سنة القادمة.
شاركه على جوجل بلس

عن Sofiane Znati

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق